لا يغير الاقدار سوى الدعاء ويجب أن يكون الدعاء بيقين الإجابة والثقة في الله سبحانه وتعالى فهو أحد أنواع العبادة، وقد قال الله تعالى :”وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، لذلك يتساءل العديد هل هناك آداب للدعاء وما هي شروطه.
ثلاثة من اداب الدعاء
(1) استحباب الوضوء: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ»-وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ- ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ» (البخاري [6383]،
(2) استحباب استقبال القبلة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بن عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ، وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا”، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ النَّاسُ: “هَلَكَتْ دَوْسٌ”، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ» .
(3) استحباب رفع اليدين وصفته: عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» (صحيح: أخرجه أحمد في المسند [23765] تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، وأبو داود [1488]، والترمذي [3556]، وابن ماجة [3865].
آداب الدعاء في الصلاة
هناك العديد من آداب الدعاء في الصلاة ونذكر منها ما يلي:
- يجب أن تكون نيتك خالصة لله تعالى وحده.
- بعد الثناء والحمدلله، قم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وتختم بدعائك.
- أن يكون الدعاء جازماً، وأن تكون بقناعة داخلية أن الله سبحانه سوف يستجيب لدعائك.
- الإلحاح في الدعاء والطلب، وعدم الاستعجال في الإجابة، فالله يحب سماع عبده إذا دعاه.
- أن يكون القلب حاضراً في الدعاء، فلا يقبل الله دعاء قلب منشغل لاهٍ يفكر في أمور أخرى، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. خفض الصوت عند الدعاء، فلا يكن مرتفعاً ولا يكن خافتاً، بل بين المخافتة والجهر.
- الإقرار بالذنب، وكذلك الاعتراف بنعم الله.
- الخشوع في الدعاء، واستحضار عظمة الله وقدرته ورحمته.
ما هي أفضل أوقات الدعاء
هناك العديد من الأوقات التي يستحب فيها الدعاء وقد وردت فيها احاديث ومن بينها ما يلي:
- في الثُلثِ الأخير من الليل: ثَبُتَ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنَّهُ قالَ: “يَنزلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا كُلَّ ليلةٍ حين يبقى ثُلُث الليل الأخير، يقولُ: من يدعوني فأستَجيب لهُ؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟”.
- ما بينَ الأذانِ والإقامة: قالَ نَبيُّنا مُحمدٌ – عليه أفضل الصلاة والسلام: “الدعاء لا يُرَدُّ بينَ الأذانِ والإقامةِ”.
- في السجود: يقولُ رسولنا الكريم: “أقربُ ما يَكُونُ العَبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”. وفي حديثٍ آخر يقولُ عليه الصلاة والسلام: “إني نُهِيْتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظّموا فيه الرّب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم”، أي حريٌّ أن يستجاب لكم.
- حين يَجلسُ الإمام يوم الجمعة على المَنبرِ للخُطبةِ إلى أن تُقضَى الصلاة.
- آخرُ كُلِّ صلاةٍ قبل السلام: هذا الوقت أرجى أن يُجاب فيه الدُعاء؛ لأنَّ نبيَّنا الكريم محمد -صلَّى الله عليه وسلم- لمَّا علَّمهم التشهُدَ قال: (ثمَّ ليَختر من الدعاء أعجَبهُ إليه فيدعوه).
- آخرُ نهار الجُمُعَة، بعد العَصر إلى غروب الشمس: قالَ الرسول عليه الصلاة والسلام: “في يوم الجُمعة ساعةٌ لا يَسألُ اللهَ أحدٌ فيها شيئاً وهو قائمٌ يُصلِّي إلَّا أعطاهُ الله إيَّاه”.
- الدعاء عِندَ شُربِ ماء زمزم مع صدق النية: روى أحمد والحاكم عن ابن عباس، وأحمد عن جابر، عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنَّهُ قالَ: “ماءُ زمزم لما شُرِبَ لهُ”. فأولى لِمَن شَرِبَ ماء زمزم أن يَشربهُ بنيّةٍ صالحة، ثُمَّ يدعو الله بَعدَ فَراغِه، والله تعالى أعلم.
- دعاء المُسلم لأخيه المُسلم في ظَهرِ الغَيب: عن أبي الدَرداء: أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قالَ: “دعوةُ المُسلمِ لأخيهِ بظهرِ الغيبِ مُستجابة، عندَ رأسهِ مَلَكٌ موكَّلٌ كلَّما دَعا لأخيهِ بخيرٍ، قالَ المَلَكُ الموكَّلُ بهِ: ولكَ بمِثل ذلك”.
- عندَ نُزولِ الغَيث: جاءَ في حَديثِ سَهل بن سعد، أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: “ثنتان ما تُردَّان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر”، والدعاء عند النِداء، أي: الدعاء عند الأذان.
- دعاء يوم عَرفة: فقد روى الترمذيُّ من طريقِ عمرو بن شُعيب عن أبيه، عن جَده: أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: “خَيرُ الدُعاءِ دُعاءُ يَومِ عَرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ لهُ، لهُ المُلكُ ولهُ الحَمدُ وهو على كُلِّ شيءٍ قدير”.
- عندَ الاستيقاظِ منَ النومِ ليلاً: عن عُبادة بن الصامت، عن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: “من تَعارَّ من الليلِ فقالَ: لا إله إلَّا الله وحدهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُلكُ ولهُ الحَمدُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قَدير، الحمدُ لله، وسُبحانَ الله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولا حَولَ ولا قوة إلَّا بالله، ثُمَّ قالَ: اللَّهُم اغفر لي، أو دَعَا؛ استُجِيبَ لهُ، فإن تَوضَّأ وصلَّى قُبِلت صَلاته”.
آداب الدعاء للاطفال
آداب الدعاء للاطفال والكبار هي واحدة لكن هناك بعض الآداب البسيطة التي يمكن تعليمها للأطفال ومنها:
- إخلاص النية لله عز وجل.
- الثناء على الله سبحانه وتعالى والصلاة على النبي قبل طلب الحاجة، وبعد الانتهاء من الدعاء.
- الإيمان بالله في استجابة الدعاء.
- أن يعترف الإنسان بالذنوب والخطايا.
- تكرار الدعاء أكثر من مرة والإلحاح فيه.
- الاتجاه إلى القبلة، ورفع اليدين لله عز وجل.